اعتادت «أمل» على حياة التقشف مع زوجها محمد لظروفه المادية الصعبة بسبب عدم انتظامه فى أى عمل يلتحق به، وكثيراً ما اقترضت أموالا من والدتها حتى تتمكن من توفير نفقات المعيشة من مأكل ومشرب، ولكن الدنيا أصرت على أن تزيد من الشقاء وعدم الاستقرار حيث تراكم ايجار الشقة لشهور طويلة مما اضطر صاحب المنزل الى اللجوء الى المحكمة ورفع دعوى قضائية وبسبب عدم امتلاكهما مصروفات محام يدافع عنهما تمكن مالك المنزل من الحصول على حكم بطردهما ولملمت أمل جهازها البسيط فى عربة وذهبت به الى منزل اسرتها، بينما لجأ زوجها الى المبيت لدى اصدقائه واحيانا فى المساجد.
مرت شهور طويلة كانت أمل تلتقى زوجها فى زياراته القليلة الى منزل اسرتها يمنحها عدة جنيهات وكأنهما فى فترة الخطوبة، وخلال تلك الفترة التحق الزوج بالعديد من الأعمال فى مجال المعمار فى العقارات الجديدة حيث يبدأ العمل من الصباح الباكر فى حمل الرمال والطوب والصعود بها الى الأدوار العليا حتى نهاية اليوم لكنه لم يتحمل مشاق العمل وصعوبته وهكذا تنقل الزوج بين فرص العمل حتى لم يعد قادراً على حمل الرمال والطوب.
وبعد أسابيع طويلة غاب فيها عن زوجته توجه اليها مسرعا ليبشرها بانتهاء المعاناة وأنه وجد فرصة عمل مناسبة بأجر مميز مع توفير غرفة للمعيشة حيث سيعمل خفير خصوصى داخل احدى شركات الاستيراد والتصدير بالطريق الدولى الساحلى بكفر الدوار بمحافظة البحيرة.
وانتقلت امل وزوجها الى مكان عملها الجديد وكلهما أمل فى حياة جديدة وسعيدة حيث انشغل الزوج بمهام عمله الجديد بينما قامت أمل بتربية الطيور للمساعدة فى نفقات المعيشة وكذلك ادخار مبلغ لشراء شقة خوفاً من غدر الزمان وعودتها مرة اخرى الى منزل اسرتها، وبالفعل كانت تذهب الى الاسواق لتبيع الطيور والبيض وتحصل على حفنة من الجنيهات تسعد بها كثيراً وتدخرها فى مكان آمن.
ورغم الاستقرار النسبى فى حياة الزوجين تعددت الخلافات اليومية بينهما بسبب رغبة الزوج فى الاستحواذ على الاموال التى تكسبها أملا من تربية الطيور وبيعها بالأسواق، فى الوقت الذى اصرت فيه على الاحتفاظ بأموالها لأنها تعتزم شراء شقة بها وأنها لن تبقى دائما فى غرفة الحارس.
وفى احدى المشاجرات قام الزوج بالتعدى بالضرب على أمل بعصا خشبية على رأسها ولم يرحم توسلاتها حتى تحولت الى جثة هامدة وسط بركة من الدماء تاركة جنيهاتها التى ادخرتها بعد أن لطختها الدماء.
وطار البلاغ الى اللواء علاء الدين شوقى مدير أمن البحيرة، وأكدت معاينة العقيد حازم خيرى وكيل فرع البحث الجنائى والمقدم أحمد سمير رئيس مباحث مركز شرطة كفر الدوار وجود جثة «أمل» وعيناها مفتوحتان تنظران الى السماء وكأنها تحدث خالقها وتسأل بأى ذنب قتلت. بأى ذنب اريقت دمائى.. بأى ذنب تبعثرت جنيهاتى التى كنت أدخرها كى أوفر منزلا انعم فيه بالسعادة مع زوجى.. هل هذا هو جزائى يقتلنى.. يهشم رأسى يتخلى عنى فى الغربة التى سعيت اليها معه كى أرعاه وأسهر على راحته.. بل لم أكتف بذلك، بل سهرت الليالى على تربية الطيور لأتاجر فى لحومها وبيضها.. كى أوفر ثمنها قتلتنى دون رحمة.. أغمض ضباط البحث الجنائى عينيها بأيديهم.. ووقف على جانب من الغرفة الزوج.. ودموع تسيل على وجهه اعترف بتهشيم رأسها دون ضغط أو طلب من الشرطة.. اعترف بكل التفاصيل وطلب منهم سرعة اقتياده الى السجن الأبدى والسجن الذى لن يخرج منه إلا على المقابر بجوار أمل.. وضعت الكلبشات فى يديه وخطى معهم بقدمين ثقيلتين لا تقويان على حمله.. يهزى بكلمات غير مفهومة ولم يفهم منها من حوله سوى «سامحينى يا أمل.. سامحينى يا أمل» وأمر وكيل النيابة بحبسه وادخل غرفة الحجز لم ينطق بكلمة واحدة وبقى رافضاً الطعام والشراب يحدث أمل.. ويكتب اسمها على الجدران

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
0 التعليقات:
إرسال تعليق